[img]
http://www.maktoobblog.com/user_files/adilcom/images/8570000.jpgأقبل الفرنسيون بكثافة غير مسبوقة علي صناديق الاقتراع في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، لاختيار الرئيس المقبل الذي سيقود بلادهم في السنوات المقبلة. وبات فوز نيكولا ساركوزي مؤكدا بسبب انحياز الرأي العام الفرنسي في غالبيته نحو اليمين.
الذين صوتوا بالامس الي صالح ساركوزي يقولون انهم فعلوا ذلك من اجل التغيير بعد سنوات من الجمود تزامنت مع رئاسة جاك شيراك، ولكنه تغيير ربما يكون نحو الاسوأ في معظم الاحوال.
ساركوزي ربما يكون الرئيس الذي سيجلب عدم الاستقرار، والمواجهات الدموية الي فرنسا بسبب سياساته اليمينية التصادمية مع فقراء فرنسا وغالبيتهم من المهاجرين وابنائهم، وانحيازه الي الرأسمالية المتغولة التي تتطلع الي الربح، والمزيد منه، من خلال شركاتها العملاقة، وحملة اسهمها الذين يزدادون ثراء يوما بعد يوم.
الربح حق مشروع، والثراء ايضا، طالما انه لا يأتي علي حساب المجتمع واستقراره وامنه السياسي والاجتماعي. ولكن رئيس فرنسا الجديد اعلن الحرب قبل فوزه علي الفقراء والمحرومين وسكان الضواحي، وتبني سياسات تغير الوجه الانساني لفرنسا في تعاملاتها مع مواطنيها او مع العالم الخارجي.
ساركوزي يريد ان يخلف توني بلير رئيس وزراء بريطانيا كحليف اول للرئيس الامريكي جورج بوش الابن، دون ان يدرك ان من اسباب سقوط بلير وتبدد معظم انجازاته مشاركته بحماس في حروب الادارة الامريكية في العراق وافغانستان وفلسطين.
ان اكبر خطر يهدد امن فرنسا واستقرارها هو التعامل بطريقة استفزازية عنصرية مع قضية المهاجرين، ومعظمهم من دول المغرب العربي، مثل تجريدهم من حقوقهم في المواطنة، والتشكيك في ولائهم لفرنسا، وتخييرهم بين حبها او المغادرة مثلما كان يردد ساركوزي اثناء حملته الانتخابية.
فرنسا تنحاز الي اليمين في وقت يواجه فيه اليمين خسائر كبيرة في الولايات المتحدة، ويتعرض لهزائم مهينة في العراق وافغانستان، الامر الذي يثير القلق حول المستقبل الغامض الذي تنجرف اليه معصوبة العينين من جراء لعب ساركوزي علي عواطف الفرنسيين، واحياء النعرات العنصرية لديهم تجاه كل ما هو اجنبي.
لا احد في فرنسا لا يريد القضاء علي الجريمة وتخفيض معدلات البطالة، وتمجيد قيم العمل، وهي الشعارات التي رفعها ساركوزي ومعسكره اليميني، ولكن السؤال هو حول الطريقة التي سيتبعها في هذا الخصوص، وما يمكن ان يقدمه للفقراء والمحرومين في حزام الفقر المحيط بالعاصمة الفرنسية والمدن الكبري الاخري حيث يعيش عشرات الالوف من الشبان العاطلين عن العمل من المهاجرين القدامي والجدد.
حكومات كثيرة جربت العصا الغليظة، دون ان تستخدم اي جزرة، في تعاملها مع هؤلاء، وحصدت الاضطرابات والصدامات المسلحة، واحداث سان فرانسيسكو ونيويورك ولوس انجيليس الامريكية ما زالت ماثلة في الاذهان، ناهيك عن اضطرابات الضواحي الاخيرة في فرنسا نفسها.
ساركوزي يلعب بالنار، وهي نار لو اشتعلت واتسع نطاقها، لن تحرق اصابعه فقط، وانما فرنسا بأسرها، وعليه ان يتذكر جيدا ان التطرف لا يواجه بالحلول الامنية والتهديدات وسحب الحقوق من المهاجرين والفقراء الفرنسيين، وانما من خلال سياسات انسانية اجتماعية طويلة المدي تعتمد علي الصبر والمساواة وضبط النفس.
رئيس فرنسا الجديد يجب ان يدرك جيدا، في غمرة احتفالاته بالفوز، ان سياساته اليمينية المتشددة اذا ما طبقها بالطريقة التي تحدث عنها في حملاته الانتخابية، ستدفع بالغالبية الساحقة من ثمانية ملايين مهاجر اجنبي الي احضان منظمات العنف والتطرف الاسلامي واليساري معا.
ولا شك ان زعيم تنظيم القاعدة سيكون اسعد الناس بفوز السيد ساركوزي، وكذلك قادة فرع التنظيم في المغرب الاسلامي الذي اعلن عن تأسيسه حديثا. ولهذا كانت السيدة رويال المرشحة الخاسرة في انتخابات الرئاسة محقة عندما قالت انها تخشي علي مستقبل فرنسا